عرض مصدر إنكشارية

{{معلومات وحدة عسكرية
| الاسم = إنكشارية
| صورة = [[ملف:Battle of Vienna.SultanMurads with janissaries.jpg|250بك]]
| تاريخ الإنشاء = 1363م
| الدولة = [[الدولة العثمانية]]
| الانتماء = الدولة العثمانية
| فرع =
| النوع = [[مشاة (عسكرية)]] و[[فرسان]]
| الدور =
| الانحلال = 1826م
| الحجم = 1400-1,000
# 13,502
# 37,627
1680-54,222م
| هيكل_القيادة =
| المقر الرئيسي = [[أدرنة]]، [[إسطنبول]]
| معدات = سيوف ، رماح ، أقواس و أسهم ، بنادق و أسلحة نارية مختلفة
| لقب معدات =
| اللقب = الجيش الجديد
| الشعار =
| ألوان = الأحمر والأخضر
| معارك شرفية =
| حروب = [[معركة قوصوه|معركة قوصوة]]، [[معركة نيقوبوليس]]، [[معركة أنقرة]]، [[معركة فارنا]]، [[معركة جالديران]]، [[حصار فيينا]]، [[قائمة معارك الدولة العثمانية]]
| القائد الحالي =
| أبرز القادة =
| الرمز التعريفي =
}}
{{القوات المسلحة للدولة العثمانية}}
[[ملف:La pattuglia turca.jpg|تصغير| لوحة زيتية تصور دورية إنكشارية تجوب الشوارع بريشة [[ألكسندر - جابرييل ديكامب]] في [[1828|1828 م]]]]
[[ملف:Jeniceru-karogs.png|تصغير|شعار الإنكشارية ، السيف ذو الفقار]]
'''الإنكشارية''' من [[لغة تركية عثمانية|التركية العثمانية]] «يڭيچرى» (وتعني: «الجنود الجدد»){{تر|Yeniçeri}}، هي قوات [[مشاة]] و[[سلاح الفرسان|فرسان]] من النخبة بالجيش العثماني، وكان جيش الإنكشارية جيش الدولة الرسمي حتى إلغائه في ([[9 ذو القعدة]] [[1241 هـ]] / [[15 يونيو]] [[1826|1826 م]]) على يد السلطان العثماني [[محمود الثاني]]. شكل الإنكشارية الحرس الخاص للسلطان العثماني. تأسست قوات الانكشارية في عهد السلطان [[مراد الأول]] ([[761 هـ|761]] – [[791 هـ]] / [[1360]] – [[1389|1389 م]]) أو [[أورخان غازي]] ([[726 هـ|726]] – [[761 هـ]] / [[1326]] – [[1360|1360 م]])،<ref name="Ágoston 2017">{{استشهاد بموسوعة|سنة=2017|عنوان=Janissaries|موسوعة=[[دائرة المعارف الإسلامية|Encyclopaedia of Islam, THREE]]|ناشر=[[دار بريل للنشر]]|مكان=[[لايدن]]|مؤلف-الأخير=Ágoston|مؤلف-الأول=Gábor|محرر1-الأخير=Fleet|محرر1-الأول=Kate|المجلد=2|doi=10.1163/1573-3912_ei3_COM_30927|isbn=978-90-04-33571-4|issn=1873-9830|محرر2-وصلة=Gudrun Krämer|محرر5-وصلة=Everett K. Rowson|محرر2-الأخير=Krämer|محرر3-الأخير=Matringe|محرر4-الأخير=Nawas|محرر5-الأخير=Rowson|محرر2-الأول=Gudrun|محرر3-الأول=Denis|محرر4-الأول=John|محرر5-الأول=Everett K.}}</ref> وكان للإنكشارية تنظيم خاص بهم، بثكناتهم العسكرية وشاراتهم ورتبهم وامتيازاتهم، وكانوا أقوى فرق الجيش العثماني وأكثرها نفوذًا. وكان أفراد الإنكشارية من أسرى الحروب من الغلمان اليتامى الذين يتم فصلهم عن أصولهم، ويتم تربيتهم تربية إسلامية، على أن يكون السلطان والدهم الروحي، وأن تكون الحرب صنعتهم الوحيدة.<ref name="neelwafurat.com">[https://www.neelwafurat.com/itempage.aspx?id=lbb16630-15596&search=books محمد فريد بك: تاريخ الدولة العلية العثمانية] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20171001030829/http://www.neelwafurat.com/itempage.aspx?id=lbb16630-15596&search=books |date=01 أكتوبر 2017}}</ref>
== التسمية ==
تُلفظ الكلمة على الصحيح «ينيتشاري» وتُكتب بالتركية العثمانية: «'''يڭيچرى'''»، فقرأها الأزهريون: «إنكشاري»، لأنهم لم يدركوا أن حرف «[[ڭ|الكاف النوني]] أو كاف صغير» ('''ڭ''') في الكتابة العثمانية يُلفظ «نون»، وأن الجيم المثلثة ('''چ''') النقاط تُنطق "ch" باللغة الإنجليزية وتُنطق «تش» فنطقوها شينًا، وعمَّت على سائر الكتابات العربية، في حين كان الناس يقرؤونها «الينيجارية».<ref>[http://syria.news/readnews.php?sy_seq=76944 طرائف من الأخطاء اللغوية من زمن الأتراك]... بقلم : سعد زغلول الكواكبي {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170930174955/http://syria-news.com/readnews.php?sy_seq=76944 |date=30 سبتمبر 2017}}</ref>
== الظهور ==
وتطور أسلوب جمع أفراد الإنكشارية لدى [[الدولة العثمانية|سلاطين بني عثمان]] لاحقًا، إذ باتوا يؤخذون من الأسر المسيحية وفق مبدأ التجنيد الذي سمي بـ«[[دوشيرمة|الدوشيرمة]]» في عملية جمع دورية تجري كل سنة أو ثلاث أو أربع أو خمس، وتجلب عناصر إنكشارية جديدة يقارب عددهم 8000 إلى 12000 فرد.<ref>[https://www.arab-ency.com/?module=pnEncyclopedia&func=display_term&id=1717&m=1 ليلى الصباغ: الموسوعة العربية] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20180213021532/http://www.arab-ency.com/index.php?module=pnEncyclopedia&func=display_term&id=1717&m=1 |date=13 فبراير 2018}}</ref>
== تاريخ ==
نظّم أورخان الجيش، فألّف فرقًا من الفرسان النظاميين، وأنشأ من الفتيان [[كنيسة الروم الأرثوذكس|المسيحيين الروم]] والأوروبيين الذين جمعهم من مختلف الأنحاء جيشًا قويًا عُرف بجيش الانكشارية.<ref name=Nicolle7>Nicolle, p. 7.</ref> وقد درّب أورخان هؤلاء الفتيان تدريبًا صارمًا وخصّهم بامتيازات كبيرة، فتعلقوا بشخصه وأظهروا له الولاء.
ضمّ جيش الإنكشارية إليه الأولاد المسيحيين خلال الغزوات والمعارك،<ref>[https://archive.org/details/encyclopaediabri15chisrich Encyclopædia Britannica. Eleventh Edition, vol. 15], p 151. {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20170103020636/https://archive.org/details/encyclopaediabri15chisrich |date=03 يناير 2017}}</ref> حيث تم أخذ الأطفال من بين أهاليهم واعتنقوا [[إسلام|الإسلام]]،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1-الأخير=McCabe|مؤلف1-الأول=Ina Baghdiantz|مؤلف2-الأخير=Harlaftis|مؤلف2-الأول=Gelina|عنوان=Diaspora Entrepreneurial Networks: Four Centuries of History|تاريخ=2005|ناشر=Berg|isbn=9781859738757|مسار=https://books.google.com/books?id=u9kTAQAAIAAJ&q=janissary+ghulam+counterbalance&dq=janissary+ghulam+counterbalance&hl=nl&sa=X&ved=0CCAQ6AEwAGoVChMIm7HRmfGVxgIViGrbCh2XxATE|صفحة=36|تاريخ الوصول=1 December 2015| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20170326101425/https://books.google.com/books?id=u9kTAQAAIAAJ | تاريخ أرشيف = 26 مارس 2017 }}</ref><ref name=" Balance: The Economics of Great Powers From Ancient Rome to Modern America ">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=Hubbard, Glenn and Tim Kane. (2013)|عنوان=Balance: The Economics of Great Powers From Ancient Rome to Modern America |مسار= https://archive.org/details/isbn_2901476700266|سنة=2013|ناشر=Simon & Schuster| isbn=978-1-4767-0025-0|صفحات=[https://archive.org/details/isbn_2901476700266/page/n152 152]–154|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20220321020318/https://archive.org/details/isbn_2901476700266|تاريخ أرشيف=2022-03-21}}</ref> بموجب نظام أو قانون زعموا أنه كان يدعى بنظام «[[دوشيرمة|الدوشيرمة]]»، وهو نظام كان يستند إلى ضريبة إسلامية شرعية أطلق عليها اسم «ضريبة الغلمان» أو «ضريبة الأبناء»،<ref>{{استشهاد بكتاب|مسار=https://books.google.com/books?id=f7Wz4b4JTC8C&pg=PA366|عنوان=Lineages of the Absolutist State (Verso, 1974), p. 366|مؤلف=Perry Anderson| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20120730011625/http://books.google.com/books?id=f7Wz4b4JTC8C | تاريخ أرشيف = 30 يوليو 2012 }}</ref> ثم تم صهر الجميع في بوتقة واحدة، وأنشأهم على [[إسلام|الدين الإسلامي]] وعلى التعلق بشخصه والإخلاص له وللدين والوطن، فكان هؤلاء هم نواة جيش الإنكشارية ([[لغة تركية عثمانية|بالتركية العثمانية]]: يڭيچرى؛ أي الجيش الحديث).<ref name="إنكشارية">المصور في التاريخ، الجزء السادس. تأليف: شفيق جحا، [[منير البعلبكي]]، [[بهيج عثمان]]، [[دار العلم للملايين]]، صفحة 158-159</ref> كان الإنكشارية لا يعرفون حرفة ولا عمل إلا القتال والحرب، وتألّف الجيش الإنكشاري من ثلاث فرق مختلفة هي: السكان والجماعة والفرقة، وكان رئيسه الأعلى يُعرف باسم «آغا الإنكشارية». تكاثر عدد الإنكشارية مع الزمن فبلغ في بعض الأحوال ستين ألفًا،<ref name="إنكشارية"/> وجميع المؤرخين متفقون على إطراء روح النظام التي تميّز بها هؤلاء الجنود في العصر الذهبي للدولة، فلم يكن عندهم مكان [[خمر|للخمر]] أو لل[[قمار]] أو غير ذلك من الآفات التي عرفتها جيوش [[أوروبا]] في تلك العهود.<ref name="إنكشارية"/> ولكن الفساد ما لبث أن دبّ إلى هذا الجيش مع الزمن، فاعتاد الإنكشارية أن يتمردوا ويطالبوا بالهبات السخية كلما ارتقى العرش سلطان جديد. وقد شكلوا في العهود المتأخرة عقبة كانت تحول دون الإصلاح والتجديد، فأبادهم السلطان [[محمود الثاني]] عن بكرة أبيهم وألغى جميع أزيائهم وألقابهم. أنشأ العثمانيون إلى جانب جيش المشاة جيشًا من الفرسان عُرف باسم «الفرسان السواري» أو سپاهي، ويُعرفهم معظم الكتّاب [[عرب|العرب]] باسم «الفرسان السيباه»، وقد لعبوا دورًا كبيرًا في تقدم الفتوح عبر [[أوروبا]]، لكنهم أصيبوا بالفساد كما الإنكشارية في أواخر عهدهم، واشتركوا معهم في نفس المصير.<ref>Norman Itzkowitz, ''Ottoman Empire and Islamic Tradition'' p.96.</ref>
واكتسبت الإنكشارية صفة الدوام في عهد السلطان [[مراد الأول]] سنة [[761 هـ]] / [[1360|1360 م]]، وكانت قبل ذلك تسرّح بمجرد الانتهاء من عملها. جرى حلّ هذه الفرقة بشكل نهائي بعد «[[الواقعة الخيرية]]» على يد السلطان [[محمود الثاني]] عام [[1241 هـ]] / [[1826|1826 م]] بعد ثورتهم على السلطان وانتهوا بحادثة [[الواقعة الخيرية|مذبحة الإنكشارية]]. ومن المعروف أن الإنكشارية كانوا عزابًا في عهد السلطان [[أورخان غازي|أورخان]]، ثم سمح لهم السلطان [[سليم الأول|سليم]] بالزواج بشرط كبر السن، ثم أطلق حق الزواج.
== قوة الإنكشارية ==
كانت الإنكشارية تعد من أقوى الجيوش الأوربية والعالمية فعندما حاولت [[إسبانيا]] [[احتلال عسكري|احتلال]] [[هولندا]] فطلب [[ملك هولندا]] وقتها المساعدة من [[سلطان|السلطان]] سليمان القانوني فأرسل له أربعين بدلة من لباس الجيش الإنكشاري ليلبسها [[الجيش الهولندي|الجنود الهولنديون]] في [[معركة|المعركة]] وعندما شاهدها الإسبان ظنوا أن [[الدولة العثمانية|العثمانيين]] يحاربون بجانب الهولنديين فتوقفت اعتداءاتهم ثلاثين عامًا.<ref name=aljazeeranetherottman>
{{استشهاد ويب
|مسار= https://www.aljazeera.net/programs/beyond-authority/2017/3/17/%D9%82%D9%85%D8%B5%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D8%AD%D9%85%D8%AA-%D9%87%D9%88%D9%84%D9%86%D8%AF%D8%A7
|عنوان=قمصان العثمانيين التي حمت هولندا
|ناشر=شبكة الجزيرة الإعلامية
|تاريخ الوصول=30  نوفمبر 2017| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190508073901/https://www.aljazeera.net/programs/beyond-authority/2017/3/17/قمصان-العثمانيين-التي-حمت-هولندا | تاريخ أرشيف = 8 مايو 2019 }}</ref><ref>
[https://alqabas.com/378132/ لماذا العجوز الأوربية تستفز تركيا الفتية] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20171115224724/http://alqabas.com/378132/ |date=15 نوفمبر 2017}}</ref>
== الارتباط بالصوفية ==
وارتبط الإنكشارية بالطريقة [[صوفية|الصوفية]] [[بكتاشية|البكتاشية]] وذلك لأنه عند بداية تأسيس الإنكشارية صادف أن جاء إلى الأناضول من خرسان رجل صوفي علوي النسب اسمه [[حاج بكتاش ولي|محمد بكتاش ولي]]، فسكن القرية التي تسمى باسمه اليوم بعد 180 كم عن أنقرة. وقد حصل هذا الرجل على سمعة عالية وقصده الناس للتبرك به. وحين علم السلطان أورخان بأمره أراد أن ينتفع من بركته ليشمل بها جيشه الجديد، فقصده بنفسه ومعه أفراد من الجيش، فقام الحاج بكتاش بوضع يده على رأس أحد الجنود، وقطع شيئًا من قبائه فجعله على رأس الجندي، ثم قدم لهم علمًا أحمر يتوسطه هلال وسيف ذي الفقار، وأخذ يدعو الله أن يبيض وجوههم وأن تكون سيوفهم بتارة وأن يفوزوا في كل غزوة بالظفر. ومنذ ذلك الحين صار الجيش الانكشاري مرتبطا بالطريقة البكتاشية ارتباطًا وثيقًا حيث اتخذ الجنود الحاج بكتاش شفيعًا لهم ورمزًا، وأخذ الناس يطلقون عليهم اسم أولاد الحاج بكتاش.
== التدريب ==
وكان هؤلاء الجنود يُختارون من سن صغيرة ويربون تربيةً عسكرية في معسكرات خاصه بهم، بالإضافة إلى تلقيهم مختلف العلوم الإنسانية كالدين الإسلامي واللغة وغيرها، وفي أثناء تعليمهم يقسمون إلى ثلاث مجموعات: الأولى تعد للعمل في القصور السلطانية، والثانية تُعد لشغل الوظائف المدنية الكبرى في الدولة، والثالثة تعد لتشكيل فرق المشاة في الجيش العثماني، ويطلق على أفرادها الإنكشارية، أي الجنود الجدد، وكانت هذه المجموعة هي أكبر المجموعات الثلاث وأكثرها عددًا.
ومنذ نشأتهم التي تزامنت مع قيام الدولة، لم يكن الإنكشاريون يخرجون إلى الحرب إلا برفقة السلطان العثماني، وهو الأمر الذي أبطله [[سليمان القانوني]] حين أجاز لهم القتال تحت إمرة قائد منهم، وكان لذلك أثر في تقاعس السلاطين التالين عن الخروج إلى المعارك لقيادة الجيوش بأنفسهم.<ref name="neelwafurat.com"/>
== معيشة الإنكشارية ==
[[ملف:Yeniçeri Atatürk.JPG|تصغير|مصطفى كمال أتاتورك في وقت لاحق، في لباس موحد للإنكشارية في صوفيا.]]
كانت الدولة تحرص على منع اتصال الإنكشارية بأقربائهم، وتفرض عليهم في وقت السلم أن يعيشوا في الثكنات، التي لم تكن تحوي فقط أماكن النوم لضباطهم وجنودهم، بل كانت تضم المطابخ ومخازن الأسلحة والذخائر وحاجاتهم المدنية كافةً. خصصت الدولة لكل [[أورطة (وحدة عسكرية)|'''وحدة عسكرية''']] من الإنكشارية (تسمى [[أورطة (وحدة عسكرية)|'''أورطة''']]) شارة توضع على أبواب ثكنتها، وعلى أعلامها وخيامها التي تقام في ساحة القتال، وجرت عادة الجنود أن ينقشوا شاراتهم المميزة على أذرعهم وسيقانهم بالوشم، وكانت ترقياتهم تتم طبقًا لقواعد الأقدمية، ويحالون إلى التقاعد إذا تقدمت بهم السن، أو أصابتهم عاهة تقعدهم عن العمل، ويصرف لهم معاش من قبل الدولة. وكانت الدولة تحرّم عليهم الاشتغال بالتجارة أو الصناعة حتى لا تخبو عسكريتهم الصارمة، وينطفئ حماسهم المشبوب.
ويطلق على رئيس هذه الفئة «[[آغا الإنكشارية|أغا الإنكشارية]]»، وهو يعد من أبرز الشخصيات في [[الدولة العثمانية]]، لأنه يقود أقوى فرقة عسكرية في سلاح المشاة، وكان بحكم منصبه يشغل وظيفتين أخريين، فهو رئيس قوات الشرطة في [[إسطنبول]]، المسؤول عن حفظ النظام واستتباب الأمن، وهو في الوقت نفسه عضو في مجلس الدولة. وكان لرئيس الانكشارية مقر خاص في إسطنبول، ومكاتب في الجهات التي تعمل الفرقة بها، ويختاره السلطان من بين ضباط هذا السلاح، وظل هذا التقليد متبعًا حتى عهد السلطان [[سليمان القانوني]]، الذي جعل اختيار رئيس الإنكشارية من بين كبار ضباط القصر السلطاني، وذلك للحد من طغيان هذه الفرقة.
== أهمية الإنكشارية ==
[[ملف:Turkish guns 1750-1800.jpg|تصغير|من أسلحة الإنكشارية، البنادق.]]
عُرف الإنكشاريون بكفاءتهم القتالية ووفرتهم العددية، وضراوتهم في الحرب والقتال، وكانوا أداة رهيبة في يد الدولة العثمانية في كل حروبها التاريخية، وكان لنشأتهم العسكرية الخالصة وتربيتهم الجهادية على حب الشهادة واسترخاص الحياة أثر في اندفاعهم الشجاع في الحروب واستماتتهم في النزال، وتقدمهم الصفوف في طليعة [[جيش|الجيش]]، وكانوا يأخذون مكانهم في القلب، ويقف السلطان بأركان جيشه خلفهم. وقد استطاعت [[الدولة العثمانية]] بفضل هذه الفرقة أن تمد رقعتها، وتوسع حدودها بسرعة، ففتحت بلادًا في أوروبا كانت حتى ذلك الوقت خارج حوزة [[إسلام|الإسلام]].
وقد أشاد المؤرخون الغربيون بهذه الفرقة باعتبارها من أهم القوات الرئيسية التي اعتمدت عليها الدولة في فتوحاتها، فيقول «[[كارل بروكلمان|بروكلمان]]» المستشرق [[ألمانيا|الألماني]]: «إن الإنكشارية كانوا قوام الجيش العثماني وعماده». ويضيف المؤرخ [[إنجلترا|الإنجليزي]] «جرانت» بأن المشاة الإنكشارية كانوا أكثر أهمية من سلاح الفرسان، وكان مصير أو مستقبل الدولة العثمانية يعتمد إلى حد كبير على الإنكشارية.
== طغيان الإنكشارية ==
غير أن هذه الأهمية الكبيرة لفرقة الإنكشارية تحولت إلى مركز قوة نغص حياة [[الدولة العثمانية]]، وعرضها لكثير من الفتن والقلاقل، وبدلًا من أن ينصرف زعماء الإنكشارية إلى حياة الجندية التي جبلوا عليها، راحوا يتدخلون في شؤون الدولة، ويزجون بأنفسهم في السياسة العليا للدولة وفيما لا يعنيهم من أمور الحكم والسلطان؛ فكانوا يطالبون بخلع السلطان القائم بحكمه ويولون غيره، ويأخذون العطايا عند تولي كل سلطان جديد، وصار هذا حقًا مكتسبًا لا يمكن لأي سلطان مهما أوتي من قوة أن يتجاهله، وإلا تعرض للمهانة على أيديهم.
وقد بدأت ظاهرة تدخل الإنكشارية في سياسة الدولة منذ عهد مبكر في تاريخ الدولة، غير أن هذا التدخل لم يكن له تأثير في عهد سلاطين الدولة العظام؛ لأن قوتهم كانت تكبح جماح هؤلاء الانكشاريين، حتى إذا بدأت الدولة في الضعف والانكماش بدأ نفوذ الانكشاريين في الظهور، فكانوا يعزلون السلاطين ويقتلون بعضهم، مثلما فعلوا بالسلطان [[عثمان الثاني]] حيث عزلوه عن منصبه، وقتلوه سنة [[1031 هـ]] / [[1622|1622 م]]، وفعلوا مثل ذلك مع [[إبراهيم الأول|السلطان إبراهيم الأول]]، فقاموا بخنقه سنة [[1058 هـ]] / [[1648|1648 م]]، محتجين بمعاداته لهم، وامتدت أفعالهم إلى القتل أحيانا أو العزل .
ولم يكن سلاطين الدولة في فترة ضعفها يملكون دفع هذه الشرور أو الوقوف في وجهها، فقام الإنكشاريون بقتل حسن باشا على عهد السلطان [[مراد الرابع]] سنة [[1042 هـ]] / [[1632|1632 م]]. ووقفوا أمام السلطان [[محمود الثاني]] عندما أراد أن يحدث جيشه وأقاموا التمرد واضطر السلطان إلى تأجيل محاولته لوقت لاحق .
== محاولة إصلاح الفيالق الإنكشارية ==
لما ضعفت الدولة العثمانية وحلت بها الهزائم، وفقدت كثيرًا من الأراضي التابعة لها، لجأت إلى إدخال النظم الحديثة في قواتها العسكرية حتى تساير جيوش الدول الأوروبية في التسليح والتدريب والنظام، وتسترجع ما كان لها من هيبة في [[أوروبا]]، وتسترد مكانتها التي بنتها على قوتها العسكرية. لكن الإنكشارية عارضت إدخال النظام الجديد في فيالقهم، وفشلت محاولات السلاطين العثمانيين في إقناعهم بضرورة التطوير والتحديث، ولم تنجح محاولات الدولة في إغرائهم للانضمام إلى الفرق العسكرية الجديدة، وقبول المعاش الذي تقرره الدولة لمن يرفض هذا النظام. ولم يكتف الإنكشاريون بمعارضة النظام الجديد، بل لجئوا إلى إعلان ال[[عصيان]] وال[[تمرد]] في وجوه السلاطين، ونجحوا في إكراه عدد من السلاطين على إلغاء هذا النظام الجديد.
== محمود الثاني يلغي الفيالق الإنكشارية ==
بعد تولي السلطان [[محمود الثاني]] سلطنة الدولة العثمانية سنة [[1223 هـ]] / [[1808|1808 م]] أيد تطوير الجيش العثماني وضرورة تحديثه بجميع فرقه وأسلحته بما فيها الفيالق العسكرية، فحاول بالسياسة واللين إقناع الانكشارية بضرورة التطوير وإدخال النظم الحديثة في فرقهم، حتى تساير باقي فرق الجيش العثماني، لكنهم رفضوا عرضه.
فحاول أن يلزم الإنكشارية بالنظام والانضباط العسكري، وملازمة ثكناتهم في أوقات السلم، وضرورة المواظبة على حضور التدريبات العسكرية، وتسليحهم بالأسلحة الحديثة، وعهد إلى [[مصطفى باشا البيرقدار]] بتنفيذ هذه الأوامر. غير أن هذه المحاولة لم تنجح وقاوموا رغبة السلطان وتحدوا أوامره، وقاموا ب[[الانقلابات على القصر العثماني 1807-1808|حركة تمرد واسعة وثورة جامحة]] كان من نتيجتها أن فقد حياته.
لم تنجح محاولة السلطان الأولى في فرض النظام الجديد على الإنكشارية، وصبر على عنادهم، وإن كانت فكرة الإصلاح لم تزل تراوده، وازداد اقتناعًا بها بعد أن رأى انتصارات [[محمد علي باشا]] المتتابعة، وما أحدثته النظم الجديدة والتسليح الحديث والتدريب المنظم في جيشه، وطال صبر السلطان ثمانية عشر عامًا حتى عزم مرة أخرى على ضرورة إصلاح نظام الانكشارية؛ فعقد اجتماعًا في ([[19 شوال]] [[1241 هـ]] / [[27 مايو|27 أيار]]/مايو [[1826|1826 م]]) في دار شيخ الإسلام، حضره قادة أسلحة الجيش بما فيهم كبار ضباط فيالق الإنكشارية، ورجال الهيئة الدينية وكبار الموظفين، ونوقش في هذا الاجتماع ضرورة الأخذ بالنظم العسكرية الحديثة في الفيالق الإنكشارية، ووافق المجتمعون على ذلك، وتلي مشروع بإعادة تنظيم القوات الإنكشارية، وأصدر شيخ الإسلام فتوى بوجوب تنفيذ التعديلات الجديدة، ومعاقبة كل شخص تسول له نفسه الاعتراض عليها.
== نهاية فيالق الإنكشارية ==
غير أن الإنكشارية لم يلتزموا بما وافق عليه الحاضرون في هذا الاجتماع؛ فأعلنوا تمردهم وانطلقوا في شوارع [[إسطنبول]] يشعلون النار في مبانيها، ويهاجمون المنازل ويحطمون المحلات التجارية، وحين سمع السلطان بخبر هذا التمرد عزم على وأده بأي ثمن والقضاء على فيالق الإنكشارية، فاستدعى السلطان عدة فرق عسكرية من بينها سلاح ال[[مدفعية]] الذي كان قد أعيد تنظيمه وتدريبه، ودعا السلطان الشعب إلى قتال الإنكشارية.
وفي صباح يوم 10 من ذي القعدة سنة [[1241 هـ]] الموافق [[15 يونيو|15 حزيران]]/يونيو [[1826|1826 م]] خرجت قوات السلطان إلى ميدان الخيل ب[[إسطنبول]] وكانت تطل عليه ثكنات الإنكشارية، وتحتشد فيه الفيالق الإنكشارية المتمردة، ولم يمض وقت طويل حتى أحاط رجال المدفعية الميدان، وسلطوا مدافعهم على الإنكشارية من كل الجهات، فحصدتهم، بعد أن عجزوا عن المقاومة، وسقط منهم ستة آلاف جندي إنكشاري.
وفي اليوم الثاني من هذه المعركة التي سميت بـ«[[الواقعة الخيرية]]» أصدر السلطان محمود الثاني قرارًا بإلغاء الفيالق الإنكشارية إلغاءً تامًا، شمل تنظيماتهم العسكرية وأسماء فيالقهم وشاراتهم، وانتهى بذلك تاريخ هذه الفرقة التي كانت في بدء أمرها شوكة في حلوق أعداء الدولة العثمانية.
== معرض صور ==
<gallery>
ملف:Expedition to Revan-Shahin-Shah-nama.jpg
ملف:OttomanJanissariesAndDefendingKnightsOfStJohnSiegeOfRhodes1522.jpg
ملف:1526 - Battle of Mohács.jpg
ملف:Cannon battery at the Siege of Esztergom 1543.jpg
ملف:Battle of Vienna.SultanMurads with janissaries.jpg
ملف:Lambert Wyts - Agha of the Janissaries and a Bölük of the Janissaries.jpg
ملف:Ataturk Janissary.jpg
ملف:Knotel-Janissaries (cropped).jpg
ملف:A Janissary "of War" with a Lion MET DP146518.jpg
ملف:Yeniçeri Atatürk.JPG
ملف:জ্যানিসারি পুলিশ এবং বেকসি পোশাক.jpg
ملف:Yeniceri 3.jpg
</gallery>
== انظر أيضاً ==
* [[الانقلابات على القصر العثماني 1807-1808|الانقلابات على القصر العثماني 1807 – 1808 م]].
* فرسان [[سباهية|السپاهية]].
* [[آقنجي]].
* [[باشبوزق]].
* [[دلي (فرقة عسكرية)]].
* [[جيش عبيد البخاري|جيش البخاري]].
== وصلات خارجية ==
* [https://web.archive.org/web/20060924033610/http://www.islam-online.net/Arabic/history/1422/01/article23.shtml الانكشارية.. بداية محمودة ونهاية مفروضة]
* [https://web.archive.org/web/20050312081341/http://www.alazhr.org/Mafaheem/Default.asp?Lang=a&Action=View&Doc=Doc1&n=61&StartFrom=2&Total=64 الانكشارية من موقع الازهر]
== المراجع ==
{{مراجع}}
* [أحمد سري دده بابا (الرسالة الأحمدية في تاريخ الطريقة البكتاشية)-القاهرة1959_ص15]
{{مواضيع الدولة العثمانية}}
{{المؤسسة العسكرية العثمانية}}
{{شريط بوابات|أوروبا|الإسلام|التاريخ|الحرب|الدولة العثمانية|العصور الوسطى|المسيحية|تركيا}}
{{ضبط استنادي}}
{{روابط شقيقة|commons=Janissaries}}
[[تصنيف:إنكشارية|*]]
[[تصنيف:الإسلام والعنف]]
[[تصنيف:الدولة العثمانية]]
[[تصنيف:انحلالات سنة 1826 في الدولة العثمانية]]
[[تصنيف:انحلالات عقد 1820 في الدولة العثمانية]]
[[تصنيف:بكتاشية]]
[[تصنيف:تاريخ عسكري]]
[[تصنيف:تأسيسات عقد 1360 في الدولة العثمانية]]
[[تصنيف:صراعات في العصور الوسطى]]
[[تصنيف:عبيد عثمانيون]]
[[تصنيف:كلمات وجمل تركية]]
[[تصنيف:مسيحيو الدولة العثمانية]]
[[تصنيف:مشاة]]
[[تصنيف:وحدات وتشكيلات الدولة العثمانية العسكرية]]
[[تصنيف:وحدات وتشكيلات العصور الوسطى العسكرية]]
[[تصنيف:وحدات وتشكيلات عسكرية انحلت في 1826]]
[[تصنيف:وحدات وتشكيلات عسكرية أسست في القرن 14]]